الحديث الاول
عـن أبي ذر جـنـدب بـن جـنـادة ، وأبي عـبد الـرحـمـن معـاذ بـن جـبـل رضي الله عـنهما ، عـن الرسول صلي الله عـليه وسلم ، قـال : ( اتـق الله حيثما كنت ، وأتبع السيئة الحسنة تمحها ، وخالق الناس بخـلـق حـسـن ).
رواه الترمذي [ رقم : 1987 ] وقال : حديث حسن ، وفي بعض النسخ : حسن صحيح .
الفائده
هذا الحديث من أحاديث الأربعين النووية وفيه إن النبي صلي الله عليه وسلم أوصى بثلاث وصايا عظيمة
الوصية الأولى: قال: (( اتق الله حيثما كنت)) وتقوي الله هي اجتناب المحارم وفعل الأوامر، هذه هي التقوى! إن تفعل ما أمرك الله به إخلاصا لله، واتباعا لرسول الله صلي الله عليه وسلم وان تترك ما نهي الله عنه امتثالا لنهي الله_ عز وجل_ وتنزهها عن محارم الله، فتقوم بما أوجب الله عليك في اعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين وهي الصلاة، فتاتي بها كاملة بشروطها وأركانها وواجباتها وتكملها بالمكملات، فمن أخل بشيء من شروط الصلاة أو واجباتها ا وأركانها فانه لم يتق الله، بل نقص من تقواه بقدر ما ترك ما أمر الله به في صلاته، وفي الزكاة تقوى الله فيها إن تحصي جميع أموالك التي فيها الزكاة وتخرج زكاتك طيبو بها نفسك من غير بخل ولا تقتير ولا تأخير، فمن لم يفعل فانه لم يتقي الله. وفي الصيام تأتى بالصوم كما أمرت، مجتنبا فيه اللغو والرفث والصخب والغيبة والنميمة، وغير ذلك مما ينقص الصوم ويزيل روح الصوم ومعناه الحقيقي، وهو الصوم عما حرم الله عز وجل. وهكذا بقية الواجبات تقوم بها طاعة لله، وامتثالا لأمره، وإخلاصا له، واتباعا لرسوله، وكذلك في المنهيات تترك ما نهي الله عنه، امتثالا لنهي الله_ عز وجل_ حيث نهاك فانته.
الوصية الثانية: (( اتبع السيئة الحسنة تمحها)) أي: إذا عملت سيئة فاتبعها بحسنة، فان الحسنات يذهبن السيئات، ومن الحسنات بعد السيئات إن تتوب إلى الله من السيئات فان التوبة من افضل الحسنات، كما قال الله عز وجل: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)(البقرة: من الآية222)، وقال الله تعالى: ( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)(النور: من الآية31). وكذلك الأعمال الصالحة تكفر السيئات، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (( الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات ما بينهن إذا اجتنب الكبائر))([89]). وقال: (( العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما))([90]) فالحسنات يذهبن السيئات.
الوصية الثالثة: (( خالق الناس بخلق حسن))! الوصيتان الأوليتان في معاملة الخالق، والثالثة في معاملة الخلق، إن تعاملهم بخلق حسن تحمد عليه ولا تذم فيه، وذلك بطلاقة الوجه، وصدق القول، وحسن المخاطبة، وغير ذلك من الأخلاق الحسنة. وقد جاءت النصوص الكثيرة في فضل الخلق الحسن، حتى قال النبي عليه الصلاة والسلام: (( اكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا))([91])، واخبر إن أولى الناس به صلي الله عليه وسلم و أقربهم من منزلة يوم القيامة أحسنهم أخلاقا([92].) فالأخلاق الحسنة مع كونها مسلكا حسنا في المجتمع ويكون صاحبها محبوبا إلى الناس فيها اجر عظيم يناله الإنسان يوم القيامة. فاحفظ هذه الوصايا الثلاثة من النبي صلي الله عليه وسلم لتق الله حيثما كنت، واتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن.