أيتها الزوجـةُ ..
هذه رسالةٌ أبعثُ بها إليكِ ، أقـدِّمُ لكِ فيها كلماتٍ خرجت من قلبي ، لعلَّها تُلامِسُ قلبكِ .
أختـي و حبيبتـي : أعلمُ أنكِ تتمنين ولو طِفلاً واحـداً ، يملأ عليكِ بيتكِ ، و يكونُ سببًا فى سعادتِكِ ، تضمِّينه و تُلاعبينه وتعطفين عليه ..
تتمنين ولو طفلاً يُنيرُ حياتكِ ، وتعتمدين عليه إذا كَبرتِ ، تُزِّوجينه وترين أولاده .. تتمنين طفلاً ، ذكراً أو أنثى .. و أنتِ لا تُنجبين .
.. فـ لا تحـزنـي ..
لا تحـزنـي يا أختـي .. و اصبـري ..
اصبـري .. تحَمَّـلى .. و لا تجلبـي لنفسكِ الهمـوم .
اعلمـي يا أختـي أنَّ اللهَ - سُبحانه و تعالى - هو الذى قَـدَّر لكِ ذلك ،، هو الذى أرادكِ
فهل ترضين بقضاء الله و قَـدَرِهِ ؟!! أم ترفضين و تتسخَّطين ؟!!
بل الرِّضَـا هـو المطلوب ،، وعليه يترتَّبُ الأجـرُ والثَّـواب .
أختـي .. قـد يكونُ هذا ابتـلاءً مِن الله - سُبحانه وتعالى - لينظرَ أترضين وتصبرين أم تجزعين وتتسخَّطين ؟
و مَن رَضِىَ فَلَهُ الرِّضَا ، و مَن سَخِطَ فعليه السُّخط .
يا أختـي .. قـد لا ترضين بحالكِ ، لكنْ اعلمي أنَّ كثيراً مِن الناس لا يَرضون بحالهم .. فمَن تُنجِبُ البنينَ تُريدُ بنتًا ، ومَن تُنجِبُ البناتِ تريد ذكرًا ، ومَن تُنجِبُ البنينَ والبنات تشكوا منهم و لا ترضى بحالها ، ومَن لا تُنجِبُ تريدُ طفلاً أيَّاً كان جِنسه .
فلماذا لا يرضى كلُّ إنسانٍ بحاله و بما قسمه الله له من رِزق ؟!!
أَمَا علمتِ يا أختـي أنَّ الأولاد رِزقٌ مِن الله عَزَّ وجَلّ ، قـد يكتبه لكِ وقـد لا يكتبه .. أتحسبين يا أختـي أنَّ الله - سُبحانه و تعالى - خلق الناسَ كُلَّهم على حالةٍ واحدة ؟! وجعل رِزقَهم واحـدًا ؟! .. اللهُ جَلَّ وعَلا يقول : ﴿ وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ ﴾ النحل/71 .
أتحسبين أنَّه - سُبحانه - يُعطي كُلَّ خلقِه رِزقًا واحدًا يتشابهون فيه ؟!
لا ، بل هناك الغنىُّ و الفقير ، والوزيرُ والخفير ، والعاقِلُ والمجنون ، ومَن عنده أولادٌ ومَن هو عقيم . فالرِّزقُ لا يشملُ المالَ فقط ، بل يشملُ الأولادَ والعملَ و غيرَ ذلك .
فـ ارضي بما قَسَمَ اللهُ لكِ تسعـدي .
أيتها المحرومة .. لا تغضبي و لا تحزني و لا تشعري بالضِّيق والألم
أختـي الحبيبة .. اقـرأي قِصَّةَ هـذه المرأة ، و أخبريني بعدها ، أتُحبين أن تكوني مكانها ، أم سترضين بحالِك وتطلبين ما تُريدينه مِن الله جَلَّ و عَلا ؟!!
♥..~ إنها امرأةٌ لا تُنجب ، وتتمنى ولو طِفلاً يملأ عليها حياتَها ، ترى الأطفال يلعبون ويضحكون ، ويقولون : ‹‹ بابا ›› و ‹‹ ماما ›› ، فتتحركُ مشاعرُها ، وتكتمُ حُزنًا بداخلها ،، ومع زيادةِ رغبتِها هى وزوجها فى إنجاب الأطفال ، بدأت تذهبُ للأطباء ، وتأخذُ العقاقير ،، ظَلَّت على هـذه الحال سنوات ، حتى حملت . وعندما جاء موعِـدُ الوِلادَة ، أنجبت بِنتًا ،،، وماتت هذه البنت فى الحال .
طبعاً حَزِنَت عليها .
بعد كل هذا التعب والذهاب للأطباء ، والمصاريف الكثيرة ، وتعب الحمل والولادة ، تموتُ البنت .
سبحــان الله ... !!!!
هـذا قضـاءُ الله .
جلست صابرةً ، لكنَّ مشاعرها تتقطع بداخلها عندما ترى الأطفال .
بعد فترةٍ بدأت تذهبُ للأطباءِ مرةً أخرى ، وحملت أكثرَ مِن مرة ، لكنَّ حملَها فى كل مرةٍ لا يكتمل ،، يحدث لها نزيفٌ ، ويتم إنزالُ الجنين .
فـ سبحــان الله ... !!!!
لو قَـدَّرَ اللهُ لها الإنجابَ لأنجبت ،، واللهُ أعلم .. فقد يرزقها اللهُ بالأولاد في يومٍ من الأيام .
♥..~ و هـذه امرأةٌ أخرى أكبر سِنَّاً مِن الأولى ، لها سنواتٌ وهى متزوجة ، ولم تُرزَق بأبناء ، لكنها صابرةٌ تُحاوِلُ أن تُشغِلَ وقتَ فراغِها بالعمل وبتربية بعض الطيور كالدَّجاج والحمام وغيره ،،، لكنْ أكيد .. بداخلها تتمنى أطفالاً ،، خاصةً أنَّ سببَ عدم الإنجاب هو عند زوجها ، ويمكنُ عِلاجه ، لكنَّه يتهاون ولا يهتمُّ بالأمـر ، وهى لم تجـد إلا الصبر ،، فـ اللهم عَوِّضها خيـرًا .
♥..~ وهـذه امرأةٌ ثالثةٌ لا تُنجِبُ إلاَّ البنات ... حملت فى مرةٍ من المرات ، فقال لها زوجُها : إنْ أنجبتِ بنتاً فسأُطلِّقُكِ ...... أنا أريدُ ذكرًا ، وكأنَّ الأمرَ بيدِها ، وكأنَّها هى مَن تُحِـدِّدُ نوعَ الجنين ..!!!
مَرَّت الشهورُ ، و اقترب موعِـدُ الوِلادة ، فأرادت هذه المرأةُ أن تعرف نوعَ الجنين فى بطنها : هل هو ذكرٌ أم أنثى ؟
ذهبت للطبيبة و أجرت الكشف ، و قالت لها الطبيبة : ستُنجبين بنتًا .
عادت المرأةُ ، وحاولت التخلُّصَ من جنينها ، خوفًا على نفسها من الطلاق .
و عندما أسقطت هـذا الجنين ... هل وجدته بنتًا كما أخبرتها الطبيبة .. ؟!!!!!
لااااااااااااا
بـل وجـدته ذكـرًا .
فـ سبحــان الله ... !!!!
♥..~ وهـذه امرأةٌ أنجبت عدداً من الأبناء ( ذكورًا و إناثًا ) ، وأرادت الاكتفاءَ بهذا العدد ، ثم حملت بتوأمين ، فأرادت التخلُّصَ منهما قبل أن تُنفَخَ فيهما الرُّوح ،، نعم .. أرادت أن تُسقِطَ حملَها ، وأن تُجهِضَ نفسها ، وأن تقضىَ على جنينها ، فقامت بشراء حُقنةٍ مُعينة لتأخذها فتُسقِطَ الحَمْل ،، وعندما أخذت الحُقنة ،،،،،، سبحــان الله ... !!!!
حدث عكسُ ما كانت تسعى إليه ، وما كانت ترغبُ فيه .. فساعدت الحُقنةُ على تثبيت الجنينين ، فرضيت الأمُّ واستسلمت .. واكتمل حملُها ، وأنجبت بنتين ، وفرحت بهما كثيرًا ، بعد أن كانت لا تُريدهما .
لكنَّ فرحتَها لم تكتمل ،،، فبعـد أيامٍ من إنجابِها ،، ماتت البنتان ، فحزنت عليهما .
فـ سبحــان الله ... !!!!
ألا تصبرين بعد ذلك يا أختاه ... ؟!!
ألا تُشجِّعُكِ تلك القصص على الصبر والرضا بما قَـدَّره اللهُ لكِ ... ؟!
واعلمي - أختـي - أنَّ هناك مِن الآباءِ مَن أبناؤهم عاقِّين لهم ، وهناك مَن أبناؤهم بهم إعاقةٌ ذِهنيةٌ أو جسدية ، فلا تسخطي على شئٍ قـد تكونُ مصلحتك فيه ، والله جَلَّ وعلا يقول : ﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ البقرة/216.
كما أريدُ أن أخبركِ بشئٍ مهم ،، وهـو : أنَّ ما أصابكِ قد يكون بسبب ذنوبك .. فـ هـذه امرأةٌ كانت تعملُ بإحـدى المدارس المختلطة _ يعنى : بها مدرسون ومدرسات ، وطلبة وطالبات ، وموظفون وموظفات _ ،، هذه المرأة متزوجةٌ منذ حوالي 14 أو 16 سنة ، لا أذكر العدد بالتحديد ، وليس لديها أولاد .. وهى في اشتياقٍ للإنجاب .. وتتمنى ولو طفلاً واحـدًا .
أكرمها اللهُ تعالى بلبس النِّقاب ، وقرَّرَت تركَ العمل والمكوثَ في البيت ... أقنعتها زميلاتُها بالاستمرار في العمل ، لكنها لم تستجب لهن .. تركَت العمل ، وجلست فى بيتها .. وبعد أيامٍ شعرت بآلامٍ وتعبٍ في جسدها ، فذهبت للمستشفى ، لتسمع خبرًا سارًا تنتظره منذ سنوات ،، ولتعلم أنها حامِل .
فـ سبحــان الله ... !!!!
ففتِّشي - أختـي - عن ذنوبك ،، وتوبي إلى اللهِ منها .. ثم الجأي إليه سُبحانه وتعالى بالدُّعاءِ .. واعلمى يا أختـي أنَّ اللهَ سبحانه وتعالى ﴿ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثَا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ﴾ الشورى/49-50 .
أأنتِ أعلمُ أم الله ... ؟!!
بل اللهُ - سبحانه وتعالى - يعلمُ كُلَّ شئ ، وأعلمُ بمصلحتكِ منكِ .
فـ لا تجزعـي ، و لا تسخطـي ، و لا تُبغضي مَن لديهم أولادٌ وتحسديهم أو تحقـدي عليهم .
بل ارضـي بما قَسَمَ اللهُ لكِ ، ففيه سعادتُكِ لو تعلمين .
[size=21]اعلمـي أيتها العاقِـر أنَّ الصبرَ و الرِّضا بقضاءِ الله هو خيـرُ دواءٍ لكِ ، وأنَّكِ بسخطكِ وحُزنك لن تخسرى إلاَّ صحتكِ وقوَّتَكِ وإيمانكِ .
إذا كنتِ تُعانين من وقتِ الفراغ ، ولا تعرفين كيف تقضينه ، فابحثي عن وسائل لشغله .
ابحثي عن مواهبكِ ، اكتشفي هواياتِك .
قد تكونين موهوبةً فى شئٍ معين ، أو لديكِ مهارةٌ معينة تستطيعين بها شَغل وقت فراغك ،، فابحثى عنها وحاولي إيجادها .
اقـرأي كتابَ رَبّـِكِ عَزَّ وجَلّ ، بل اسعي لحفظه .
اقـرأي سُنَّة نبيك محمدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم .
و اقـرأي فى كُتب العِلم النافعة .
و اعلمي يا أختـي أنَّكِ تُؤجرين _ بإذن اللهِ _ على نِيتكِ الصالحةِ وعلى صبرك .
فإذا كنتِ تريدين أولادًا صالحين يخدمون الدين ويكونون من عباد الله المُخلصين ، فإنَّ لكِ الأجرَ _ بإذن اللهِ _ وإنْ لم يتم لكِ مُرادُكِ .
ومع ذلك فـ لا تيأسـي ، و لا تحزنـي ، و أكثِـري من الدعاء .
لا تفقـدي الأمـل مهما حصـل .
وتوجَّهـي إلى الله سُبحانه وتعالى بهذا الدعاء : ﴿ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ ﴾ الأنبياء/89 .
وتحـرِّي أوقاتَ وأحوالَ وأماكِنَ الإجابة : كالسجودِ ، وما بين الأذان والإقامة ، ووقتِ السَّحَر ، وآخرِ ساعةٍ مِن يوم الجمعة ، وغيرها .. وألِحِّـي في الدعاء .. ولا تيأسـي مِن رَوْحِ الله ﴿ إنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾ يوسف/87.
كانت هذه رسالةً بعثتُ بها إليكِ يا أختـي ..؛
فتقبَّلِيها مِنِّي .